بقلم/ د. حميد النوفلي
اعلم رحمك الله تعالى أنّ الحج فرض على المسلم القادر المستطيع شأنه في ذلك شأن سائر الفرائض و العبادات ، و قد جاء في الذكر الحكيم قوله جل شأنه مؤكدًا لهذا الأمر إذ يقول سبحانه { و لله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا } . إذن نرى أن وجوب الأمر واضح في هذه الآية و لا يحتاج إلى مزيد بيان . و أما في السنه النبوية المطهرة فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد بيّن هذه الحقيقة في غيرما موضع كما جاء في قوله عليه الصلاة و السلام [ بُنِيَ الإسلام على خمس ] و ذكر منها حج البيت لمن استطاع اليه سبيلا .
و لا ريب أن وجوب الحج حقيقة مسلّم بها ، إلا أن مما اختُلِف فيه هو وقت أداء الحج على المسلم المكلف ، بمعنى هل يؤمر الحاج بالأداء فور استطاعته أم امهاله إلى المستقبل ؟
فمن أهل العلم من قال بالإمهال و جواز الترخص في أداء الحج على التراخي ، و منهم من قال بوجوب أداء الحج فور الإستطاعة و لا ينبغي تأخيرة كالشيخ الخليلي و القنوبي و من المتقدمين كالسالمي و الجيطالي و ابن بركة .
و لعلّ أصل الإختلاف في هذه المسألة النظر في الوقت الذي حجّ فيه النبي صلى الله عليه و سلم ، فطائفة تقول بأن الحج فرض في السنة الثالثة للهجرة بعد غزوة أحد حيث نزل قوله تعالى { و لله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا } و لم يحج صلى الله عليه و سلم إلا في السنة العاشرة كما هو معروف . و طائفة أخرى تقول بأن الحج فُرض في نهاية السنة التاسعة و بداية السنة العاشرة فحجّ النبي صلى الله عليه و سلم في نفس السنة .
و قد فصّل الشيخ الخليلي هذه المسألة كما ورد في ( المعتمد ) أن الآية الكريمة قد نزلت بعد غزوة أحد لكن الظروف لم تتهيأ للنبي صلى الله عليه و سلم قبل السنة العاشرة فلم يستطع إلى الحج سبيلا بسبب وجود المشركين و طوافهم بالبيت عراة ، و تلاعبهم بميقات شهر ذي الحجة حتى أذّن أبو بكر في الناس في حجه عام تسع ” ألا يطوف بالبيت عريان ، و لا يجتمع مسلم و كافر في الحرم بعد عامهم هذا ” . فحجّ النبي صلى الله عليه و سلم بعدها مباشرة .
و من ثمار الحج على الفور و تعجيل أدائه ما يأتي :
قد تعترض المرء العوارض التي تمنعه من أداء الحج إن فوّت الفرصة و هو مستطيع .
إن هادم اللذات متربص بالإنسان في كل لحظة ؛ فهل يضمن بقاءه لحين أداء الحج ؟
كذلك هل يضمن من وجد الإستطاعة المالية الآن عدم تعرضه لنقص في ماله مستقبلًا يمنعه من الحج
كما أن الصحة هي المحرك لنشاط الإنسان فهل يضمن ملازمة الصحة إلى حين أداء الحج ؟
إن الشاب أقدر على إتمام مناسك الحج على الشكل المطلوب في شبابه قبل عجزه و هرمه ، إذ أنه مطالب بذلك كما جاء في الآية { و أتمّوا الحج و العمرة لله } و تمامهما بالقدرة على الأداء .
كذلك فإن فرصة تعلم مناسك الحج بالإطلاع على كتب أهل العلم و سؤالهم بُغية أداء الحج على بصيرة و علم يكون أنسب في عمر الشباب و ليس في الهرم و الشيخوخة .
إن أداء هذا الركن العظيم على الفور يبرئ ذمة الإنسان و يسقط عنه هذا الواجب الشرعي ، بل و يمكنّه من زيارة الحج مرات عديدة في ما تبقى من حياته ، فيلقى الله و قد جاء بالمفرض و زيادة ؛ والله الموفق و الهادي لسواء السبيل .
إضافة من مدير الموقع (درس للشيخ سالم النعماني) حول الاستعداد للحج وعدم تأخير هذه الفريضة
https://www.youtube.com/watch?v=Sm_CxlTK2Kk
اكتشاف المزيد من الاستقامة للحج والعمرة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.